فإنَّ الله تعالى منَّ على هذه الأُمَّةِ، وأنعمَ عليها بإنزال القُرآنِ بلغتها، حيث يقول سبحانه وتعالى: ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)) ، ويقول سبحانه: ((وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )) ، ويقول سبحانه وتعالى:((كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ))، ولقد تكفَّل المولى تبارك وتعالى بحفظه، إلى أنْ يرثَ الله الأرض ومَنْ عليها، فقال سبحانه: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)).
إنَّ الدِّراساتِ القُرآنيَّةِ رغم كثرتها لا يُمكنُ أنْ تقطعَ الطَّريقَ على الباحثينَ والدَّارسين من دراسته، فلا يُمكنُ أن تنتهيَ عجائبُهُ وأسرارُهُ، وعشراتُ التَّفاسير تشهدُ بذلك، فإعجازُهُ اللُّغويُّ باقٍ إلى قيامِ السَّاعةِ. وقد وقع اختياري على سُورةِ الجنِّ لتكونَ موضوعاً للبحث؛ لِمَا يتوفَّـرُ فيها من مُميِّزاتٍ تَصْلُحُ أَنْ تكونَ مَوْضُوعاً خِصْبًا للدِّرَاسَةِ، إِذْ تتنَّوعُ الأساليبُ وتختلفُ الدَّلالاتُ، شأنُها في ذلك شأنُ كثيرٍ مِنْ سُوَرِ القُرآنِ الكريمِ الَّتي حظيت باهتمام الباحثين.