يُعّد موضوع التعليل في علم النحو أبرز الموضوعات اتصالاً بأصول النظرية
النحوية، بل هو أسبقها ظهورا، وفيه تبرز خصائص التفكير النحوي، وتتجلى قدرات النحويين وأساليبهم في بحث ً
الظواهر النحوية وتحليلها؛ إذ يجتهدون في إيجاد علل ُمقنعة وفق أصول العربية أولاً، وتو ّجهاتهم العقيدية ثانيًا، ومتطلبات
زمانهم ثالثًا، ومن ثم تُغرير العلة حين تفقد قدرتها على الإقناع، أو ُيُكم عليها بالفساد، أو يرفضها بعض النحاة، ما
أدى إلى الخلاف النحوي، ولأن التعليل النحوي نشأ يُرص على المعنى واستقامته فُ ّضلت صيانة المعنى على صيانة
اللفظ باعثًا رئيسا لوضع النحو، وهذه الإشكالية؛ إشكالية اللفظ والمعنى، من أكثر القضايا حضورا في النقد العري ًً
قديمًا وحديثًا، ومن أبرز سمات النظام المعرفي البياني، تناولها النحويون والفقهاء والمتكلمون والنقاد وغيرهم، ومن ثم لم تنفك العلاقة بين التعليل وقضية اللفظ والمعنى قائمةً، وهو ما نتج عنه أنكان للعلل النحوية ــ من حيث اللفظ والمعنى ــ أنواعٌ ثلاثة، فهي: إما عل ٌل معنوية، وإما عل ٌل لفظية، وإما عل ٌل لفظية معنوية.